أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة: النظافة والجمال، للشيخ عبد الناصر بليح 15 فبراير 2019

خطبة الجمعة القادمة: النظافة والجمال ، للشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 10 من جمادي الآخرة 1440 هـ الموافق 15 فبراير 2019م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة word أضغط هنا

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة كما يلي:

النَّظَافَةُ وَالجِمَالُ

الحمد لله ربي العالمين .. إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،القائل:” إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.(مسلمصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:ياجماعة الإسلام .

          فحديثنا إليكم اليوم عن النظافة والجمال ..

النّظافة مشتقةٌ من الفعل نظّف؛ أي أزال الأوساخ والقاذورات والنفايات من أيّ مكان حوله،وبداخله..

 والنّظافة عبارةٌ عن ممارساتٍ يوميّةٍ أو أسبوعيّةٍ أو شهريّةٍ للتخلّص من الأوساخ والقاذورات على حسب المكان المقصود بالتنظيف؛ بحيث تُؤدّى بشكلٍ دوريٍّ منتظمٍ، وقد عُرفت قديماً من قِبل الإغريق بفنّ الصحة؛ لأنّ أهم مُخرجات النظافة هي الحفاظ على الصحة من الاعتلال، ومنع انتشار الأمراض والأوبئة، إضافةً إلى الراحة النفسيّة والشُّعور بالسَّعادة.

ومن هنا نستطيع أن نقول :”إن النظافةهي نظافة الظاهر و نظافة الباطن ..

فنَّظافة الظاهر تشمل العديد من المناحي في الحياة فهُناك:”النّظافة الشخصية. النّظافة المنزليّة. النظافة العامة للحدائق والشوارع والمرافق العامة في الدَّولة. النّظافة في بيئة العمل للمُعدات والأدوات والمكاتب والغُرف وكلّ ما يتعلق ببيئة العمل. نظافة المياه والشطآن والسّواحل وكل ما يتعلق بمصادر الماء.وهو مايعرف بنظافة البيئة ..

#أمانظافة الباطن  تشتمل علي :” نظافة القلب  وسلامة الصدر من الأحقاد، وخطر الحقد, والحسد, والتباغض، والشحناء, والهجر, والقطيعة ,والكبر.. وقد تحدثنا كثيراً عن نظافة البيئة واليوم نريد أن نعرج علي نظافة الباطن فما أحوج المجتمع إليها فإذا كان الشخص جميل الثوب والنعل حسن الهندام مااحوجه إلي أن يطهر قلبه من الغل والحقد والحسد والبغضاء ..

إخوة الإيمان والإسلام:” ولونظرنا في كتاب ربنا عز وجل القرآن الكريم  لوجدنا العديد من الأيات التي تحث علي التَّرغيب في سلامة الصَّدر قال تعالى :” وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ” (الحشر: 10) .

وقال تعالي في صفات أولئك الذين يدخلون الجنة:” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ  ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (الحجر/47,45).

فنظافة القلب طريق إلى الجنة، والنجاة من النار: قال ربنا سبحانه على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: “وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ . يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ“(الشعراء:87-89). 

فقد أمرنا ربناعز وجلبنظافةِ الظاهرِ، وأخذِ الزينةِ في مواطنَ، ومنها عند إرادةِ الصلاةِ، بقوله تعالى :”يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ“(الأعراف/ 31)، وأمرنا بالطهارة عند إرادةِ الصلاةِ بقوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا“(المائدة/6)، ورتَّب على ذلك الفضلَ العظيمَ، ومن ذلك قولُهصلى الله عليه وسلم :”إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن، فغسل وجهَه، خرج من وجهه كلُّ خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتْها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه، خرجت كل خطيئة مشتْها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب“(مسلم).

فإذا كانت طهارةُ الظاهرِ من البدن بهذه المنزلةِ والفضلِ، فطهارةُ الباطن والقلبِ أولى بذلك؛ لأنَّ مدارَ الأعمالِ، والثوابَ والعقابَ، والقبولَ والردَّ عليها، فلا تُدخَل الجنةُ دخولاً ابتدئيًّا من غير عقاب، إلا بطهارة القلبيَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ  إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” (الشعراء: 88، 89). 

وطهارة القلب ليست بالماء، والثيابِ النظيفةِ كطهارة البدن، إنما بالتخلص من الأوصافِ الذميمةِ، والاتصافِ بالأوصافِ الجميلةِ، ومن ذلك التخلصُ من دغلِ الشرك وغلِّه، فأعمالُ طاهرِ القلبِ كلُّها لله، لا يطلب من المخلوقين مدحًا، ولا تقديرًا وإجلالاً؛ بل هو يستسرُّ في العبادة، يَودُّ لو لم يطلع عليه أحدٌ، ومع ذلك هو خائفٌ وَجِلٌ من أن يكون لأحدٍ نصيبٌ في أعماله، فإذا عَمِل عملاً، سأل نفسه: لماذا هذا العملُ؟ وإن ترك شيئًا، سأل نفسه: لماذا تركتِ هذا العملَ؟ فإنْ أحبَّ أحب في الله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن مَنع مَنع لله، وإن تقدَّم تقدم لله، وإن تأخر تأخر لله.. :”أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله,والحب في الله والبغض في الله عز وجل“( صحيح الجامع ).

خطبة الجمعة القادمة عنصر #نظافة القلب من الفواحش:

أحباب رسول الله :” والقلب ينبغي أن يتطهر من أدران الرزيلة والفحش لأنه عندما يتعلق بتلك الأمراض يفسد كما قال صلي الله عليه وسلم :”ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صَلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب“( البخاري ومسلم).فأشارصلى الله عليه وسلمإلى أن صلاحَ حركاتِ العبد بجوارحه، واجتنابَه للمحرماتِ، واتقاءَه للشبهات، بحسب صلاحِ قلبِه، فإذا كان قلبُه سليمًا، صَلَحت حركاتُ الجوارح كلُّها، ونشأ عن ذلك اجتنابُ المحرماتِ، وتوقي الشبهات، وإن كان القلبُ فاسدًا، قد استولى عليه اتباعُ الهوى، وطلبُ ما يحبه ولو كرهه الله، فسدت حركاتُ الجوارحِ، وانبعثت إلى المعاصي والمشتبهاتِ، بحسب اتباعِ هوى القلب.ويقول رسول اللهصلى الله عليه وسلم -: لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ، حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه، حتى يستقيمَ لسانُه“( أحمد ).

 وعندما ذهب إلي الرسول شاب يريد أن يأخذ تصريح بالزنا ماذا فعل معه رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ عن أبي أمامة قال : ” إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه و قالوا : مه مه ! فقال : ادنه ، فدنا منه قريبا قال : فجلس ، قال : أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم ، قال : أفتحبه لأختك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال : أفتحبه لعمتك . قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم ، قال : أفتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال : فوضع يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه و حصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء“( أحمد).

#نظافة القلب من الكبر

أيها الناس:” حينما قال: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:”لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ! فهم بعضُ الصحابة أنَّ التَّطهُّر والجمالَ وحسنَ المنظر من الكبر فَقَالَ رَجُلٌ يارسول الله: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً ، ونَعْلُهُ حَسَنَةً ؟ فقَالَ : صلى الله عليه وسلم :” إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ ، الكِبْرُ : بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ“(مسلم).

فالمسلمُ يجمع بين نظافتين وطهارتين:”ثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْفمع تطهير المعتقد أمر اللهُ تعالى بتطهير وتنظيف الظاهر والجسد .

وإذا فعل ذلك قد طهَّر قلبَه تجَاه إخوانِه المسلمين، فلا يحسدُهم على نعمةٍ أنعمها اللهُ عليهم؛ بل يفرح بها؛ لأنَّه يعلم أنَّ محبةَ الخير للمسلمين مما افترضه الله عليه، وأنَّه إذا أخلَّ بذلك أخل بالإيمان الواجبِ؛ لقولهصلى الله عليه وسلم -:”لا يؤمن أحدكم، حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه“( البخاري ومسلم).

لا يحتقر إخوانَه المسلمين؛ لعلمه بعظمِ ذلك عند اللهتعالىلقولهصلى الله عليه وسلم -:”بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم“(مسلم).

لا يتطرقُ الكِبرُ إلى قلبِه الطاهر؛ لأنَّه يعلمُ قولَ النبيصلى الله عليه وسلم -:”لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبر“( مسلم).

#نظافة القلب من الذنوب والأوزار:

عباد الله :” وقد يمرض القلب ويصاب بأمراض خطيرة فيسود ويظلم من كثرة الذنوب والأثام قال تعالي:” كَلَّا  بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (المطففين/14).

يقول ابن كثير:”أي ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا إن هذا القرآن أساطير الأولين بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا ولهذا قال تعالى :”كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبونوالرين يعتري قلوب الكافرين والغيم للأبرار والغين للمقربين

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك قول اللهكلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون“(والترمذي والنسائي وابن ماجه).

وقال الحسن البصري : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد بن جبر وقتادة وابن زيد وغيرهم .

خطبة الجمعة القادمة:

عنصر: نظافة القلب نظافة للسان

أيها الناس:”لو استقام قلب المرء لاستقامت جوارحه واولها اللسان فلا يخرج من الفم  الا الكلم الطيب ولا يصدر من حركاتهم وسكناتهم الا طيب ويرن دائما في آذان قلوبهم قول حبيبهم:”إن الله طيب لا يقبل إلا طيب… “( مسلم )ويدخلون في قول اللهوَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ( الحج 24)

لا تجد مؤمنا فظاً ولا غليظاً ولا صخاباً ولا فاحشاً ولا يخرج من فيه كلمة بذيئه أو لفظة سفيهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقالليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذي” (الترمذي)

ليس هذا من أخلاق أهل الإيمان وإنما أخلاق أهل الإيمان كما قال الله عز وجل في القرآن حتى مع غير المسلمين ماذا نقول لهم ياربوَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا“(83 البقرة).حتى مع غير المسلمين لا تقل إلا الحسن من القول لأنك مندوب تتحدث باسم هذا الدين فلا بد أن تكون تصرفاتك كلها اقتباسا من إمام الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربهفَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” (آل عمران 159).فكان ديدنه الشفقة والعطف والرحمة واللين..دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ذات مره وكان مسجده في بدايته غير مفروش بفرش يصلون على الحصى وجاء رجل من الأعراب وأخذ جانبا من المسجد وبال فقام الناس ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين“(البخاري)قال يا هذا إن هذا بيت لله ينبغي أن يكون طاهرا لله عز وجل فلا تعد إلى ذلك ابدا فقال الرجل نعم ما جئت به يا حبيبي يا رسول الله .

وعن زيد بن أسلم، أنَّه دخل على ابن أبي دُجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلَّل، فقال له : ما لك يتهلَّل وجهك ؟ قال : ما من عملِ شيءٍ أوثق عندي من اثنين : أمَّا أحدهما، فكنت لا أتكلَّم بما لا يعنيني، وأما الأُخْرى : فكان قلبي للمسلمين سليمًا“(ابن سعد فى الطبقات الكبرى) .

الخطبة الثانية من خطبة الجمعة القادمة :”

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياجماعة الإسلام

من فوائد نظافة القلب وسلامة الصَّدر :

إن لنظافة القلب وسلامة الصدر من الحقاد فوائد جمة وكثيرة منها :” أنَّها سبيل لدخول الجنَّة، فهي صفة من صفات أهلها، ونعت من نعوتهم، قال تعالى : ” يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” [الشُّعراء 88-89] .

وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه ذات مرة عن نتائج سلامة القلب والصدر، وأن هذا النقاء هو أحد الأسباب الموجبة لدخول الجنة إن شاء الله تعالى. فعن أنس رضي الله عنه قال: “كنا يومًا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:”يطلع عليكم الآن من هذا الفجِّ رجلٌ من أهل الجنة، قال: فطلع رجلٌ من أهل الأنصار تنطف لحيته من وضوئه، قد علَّق نعلَيْه في يده الشمال، فسلَّم، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل على مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرجل على مثلِ حاله الأول، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تَبِعه عبدُالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمت ألاَّ أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضيَ الثلاث فعلتَ، قال: نعم، قال أنس: كان عبدالله يُحدِّث أنه بات معه ثلاثَ ليالٍ، فلم يره يقومُ من الليل شيئًا، غير أنه إذا تَعارَّ انقلب على فراشِه، وذكر الله، وكبَّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضَتِ الثلاثَ، وكِدْتُ أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، لم يكن بيني وبين والدي هجرة ولا غضب، ولكني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات:”يَطلُعُ الآن عليكم رجلٌ من أهل الجنةفطلَعتَ ثلاث مرات، فأردتُ أن آوي إليك؛ لأنظرَ ما عملُك، فأقتديَ بك، فلم أرَك تعملُ كبيرَ عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيتَ، قال: فانصرفتُ عنه، فلما ولَّيْتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أَجِدُ في نفسي على أحدٍ من المسلمين غشًّا، ولا أحسدُه على ما أعطاه الله إيَّاه، فقال عبدالله: هذه التي بلغَتْ بك هي التي لا نطيق“(أحمد والنسائي).

لذلك كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:”لن يدخل الجنة إلا كل نظيف“(الجامع الصغير). معنى ذلك أنّ النظافة شرطٌ لدخول الجنَّة، فهل يعقل أن تكون النظافة بمعناها الضيِّق ؟ نحن أحياناً نقول: فلان نظيف، ولا نقصد نظافة بدنه، ولا ثوبه، ولا بيته، ولا مجلسه، ولا دكَّانه، ولا مركبته، بل نقصد بالنظافة نظافة أخلاقه، وأهدافه شريفة، وعلاقاته كلها نظيفة واضحة، ليس ثمة أشياء يستحي بها..

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجر خبٌّ لئيم“(أبوداود) .

قال المناوى:”المؤمن غِرٌّأي : يغُرُّه كلُّ أحد، و يغُرُّه كلُّ شيء، ولا يعرف الشَّرَّ، وليس بذي مَكْر ولا فطنة للشَّرِّ، فهو يَنْخَدع لسَلَامة صَدْره، وحسن ظنِّه، وينخَدع لانقياده ولينهكريمأي : شريف الأخلاقوالفاجرأي : الفاسقخبٌّ لئيمأي : جريء، فيسعى في الأرض بالفساد، فالمؤمن المحمود : من كان طبعه الغَرَارة، وقلَّة الفِطْنة للشَّرِّ، وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلًا، والفاجر من عادته الخُبث والدَّهاء والتَّوغل في معرفة الشَّرِّ، وليس ذا منه عقلًا“(فيض القدير).لذلك كان عمر بن الخطاب يقول :” لست بالخب ولكن الخب لايخدعني

وعن عبد الله بن عمرورضي الله عنهماقال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم :”أي النَّاس أفضل؟ قال: كلُّ مَخْموم القلب، صدوق اللِّسان، قالوا : صدوق اللِّسان نعرفه، فما مَخْموم القلب ؟ قال : هو النَّقيُّ التَّقيُّ، لا إثم عليه، ولا بَغْي ولا غلٌّ ولا حسد“(ابن ماجه).أنَّها تزيل العيوب، وتقطع أسباب الذُّنوب، فمن سَلِم صدره، وطَهُر قلبه عن الإرادات الفاسدة، والظُّنون السَّيئة، عفَّ لسانه وجوارحه عن كلِّ قبيح .وأنَّها تجمع القلب على الخير والبِرِّ والطَّاعة والصَّلاح، فلا يجد القلب راحة إلا فيها، ولا تقرُّ عين المؤمن إلا بها .

خطبة الجمعة القادمة:

عنصر: من صور سلامة الصَّدر :

أيها الناس :”من صور سلامة الصدرمن الأحقاد

#سَلَامة الصَّدر مع عامَّة النَّاس، فلا يحمل لهم في قلبه غلًّا ولا حسدًا، ولا غيرها من الأمراض والأَدْواء القلبيَّة، التي تقضي على أواصر المحبَّة، وتقطع صلات المودَّة .- سَلَامة الصَّدر مع خاصَّة إخوانه ومقرَّبيه .

 #سَلَامة الصَّدر مع وُلاة الأمور،فلا يحمل عليهم الحقد، ولا يثير عليهم العامَّة، ولا يذكر مثالبهم عند النَّاس، ويكون نصوحًا لهم،مُشْفِقًا عليهم،غاضًّا الطرف عن أخطائهم التي يُتَجَاوز عنها،وينشر الخير عنهم، ويذكرهم بخيرأعمالهم وصفاتهم.

#سَلَامةصدورالوُلاة للرَّعيَّة،فلا يُكثرمن الشُّكوك فيهم،ولايتربَّص بهم أو يتجسَّس عليهم،أويؤذيهم في أموالهم أوممتلكاتهم،ويكون مُشْفِقًاعليهم،ساعيًاوراء راحتهم.

من موانع اكتساب سَلَامة الصَّدر :

أيها الناس:” وهناك امور كثيرة تحول بين المرء وقلبه فتجعله ضيقاً حرجاً حاقداً حسوداً فيعامله الله بالمثل :” فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (الأنعام/125) .ومن هذه الأمور:”

 #نزغات الشَّيطان، ووساوسه، فالشَّيطان حريص على إيغار الصُّدور، وإفساد القلوب، لذا حذَّر اللهتبارك وتعالىمنه، وأمر عباده بانتقاء القول الحسن، قالتبارك وتعالى – : “وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا“(الإسراء/53).وقال صلى الله عليه وسلم :”إنَّ الشَّيطان قد أَيِس أن يعبده المصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التَّحريش بينهم“( مسلم).

#إصابة القلب ببعض الأمراض الخُلُقيَّة،والتي تُفسد القلب،كالحسد والغلِّ والحقد،وإذا اشتمل القلب على هذه الأدواءلم يُعْتبر سليمًا،فهي تضادُّ سَلَامة القلب.

#التَّنافس على الدُّنيا فعن عمرو بن عوف رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:”والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكنِّي أخشى أَنْ تُبْسَط عليكم الدُّنيا كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم، فتَنَافَسُوها كما تَنَافَسُوها، وتهلككم كما أهلكتهم” (البخارى ومسلم) .

من الوسائل المعينة على اكتساب سَلَامة الصَّدر :-

ومن الوسائل التي تعين العبد المسلم علي نظافة قلبه وصدره

#الإخلاص للهتبارك وتعالىوهذا تصديقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال:”ثلاث لا يَغِلُّ عليهنَّ قلب مسلم : إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمَّة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإنَّ الدَّعوة تحيط من ورائهم“(الترمذى). قال ابن الأثير:”إنَّ هذه الخِلال الثَّلاث تُسْتَصلح بها القلوب، فمن تمسَّك بها طَهُر قلبه من الخيانة والدَّخل والشَّر“(النهاية فى غريب الحديث والأثر،لابن الأثير) .

#الإقبال على كتاب الله تعالى قراءةً وتعلُّمًا وتعليمًا، فهو شفاء لما في الصُّدور، كما قال الله تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ” [يونس: 57] .

#الدُّعاء، فهو العلاج النَّاجع والدَّواء النَّافع، فيدعو العبد مولاه أن يجعل قلبه سليمًا من الضغائن والأحقاد على إخوانه المؤمنين، قال الله تعالى : ” وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ” [الحشر: 10] .

ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذهديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

 

خطبة الجمعة القادمة: النظافة والجمال من سمات المجتمع المتحضر، بتاريخ 15 فبراير 2019م

 

 

خطبة الجمعة: النظافة وأثرها في سلامة الفرد والمجتمع للدكتور خالد بدير

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »